responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 11  صفحه : 283
ثُمَّ قَالَ تَعَالَى: وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقابِ وَالْمُرَادُ مِنْهُ التَّهْدِيدُ وَالْوَعِيدُ، يَعْنِي اتَّقُوا اللَّه وَلَا تَسْتَحِلُّوا شَيْئًا مِنْ مَحَارِمِهِ إِنَّ اللَّه شَدِيدُ الْعِقَابِ، لَا يَطِيقُ أَحَدٌ عقابه.

[سورة المائدة (5) : آية 3]
حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ وَما أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ وَالْمُنْخَنِقَةُ وَالْمَوْقُوذَةُ وَالْمُتَرَدِّيَةُ وَالنَّطِيحَةُ وَما أَكَلَ السَّبُعُ إِلاَّ مَا ذَكَّيْتُمْ وَما ذُبِحَ عَلَى النُّصُبِ وَأَنْ تَسْتَقْسِمُوا بِالْأَزْلامِ ذلِكُمْ فِسْقٌ الْيَوْمَ يَئِسَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ دِينِكُمْ فَلا تَخْشَوْهُمْ وَاخْشَوْنِ الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلامَ دِيناً فَمَنِ اضْطُرَّ فِي مَخْمَصَةٍ غَيْرَ مُتَجانِفٍ لِإِثْمٍ فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (3)
قَوْلُهُ تَعَالَى: حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ وَما أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ وَالْمُنْخَنِقَةُ وَالْمَوْقُوذَةُ وَالْمُتَرَدِّيَةُ وَالنَّطِيحَةُ وَما أَكَلَ السَّبُعُ إِلَّا مَا ذَكَّيْتُمْ وَما ذُبِحَ عَلَى النُّصُبِ وَأَنْ تَسْتَقْسِمُوا بِالْأَزْلامِ.
اعْلَمْ أَنَّهُ تَعَالَى قَالَ فِي أول السورة أُحِلَّتْ لَكُمْ بَهِيمَةُ الْأَنْعامِ [المائدة: 1] ثُمَّ ذَكَرَ فِيهِ اسْتِثْنَاءَ أَشْيَاءَ تُتْلَى عَلَيْكُمْ، فَهَهُنَا ذَكَرَ اللَّه تَعَالَى تِلْكَ الصُّوَرَ الْمُسْتَثْنَاةَ مِنْ ذَلِكَ الْعُمُومِ، وَهِيَ أَحَدَ عَشَرَ نَوْعًا: الْأَوَّلُ: الْمَيْتَةُ:
وَكَانُوا يَقُولُونَ: إِنَّكُمْ تَأْكُلُونَ مَا قَتَلْتُمْ وَلَا تَأْكُلُونَ مَا قَتَلَ اللَّه.
وَاعْلَمْ أَنَّ تَحْرِيمَ الْمَيْتَةِ مُوَافِقٌ لِمَا فِي الْعُقُولِ، لِأَنَّ الدَّمَ جَوْهَرٌ لَطِيفٌ جِدًّا، فَإِذَا مَاتَ الْحَيَوَانُ حَتْفَ أَنْفِهِ احْتَبَسَ الدَّمُ فِي عُرُوقِهِ وَتَعَفَّنَ وَفَسَدَ وَحَصَلَ مِنْ أَكْلِهِ مَضَارٌّ عَظِيمَةٌ. والثاني: الدم: قال صاحب «الكشاف» كانوا يملؤون الْمَعْيَ مِنَ الدَّمِ وَيَشْوُونَهُ وَيُطْعِمُونَهُ الضَّيْفَ، فاللَّه تَعَالَى حَرَّمَ ذَلِكَ عَلَيْهِمْ. وَالثَّالِثُ: لَحْمُ الْخِنْزِيرِ، قَالَ أَهْلُ الْعِلْمِ: الْغِذَاءُ يَصِيرُ جُزْءًا مِنْ جَوْهَرِ الْمُغْتَذِي، فَلَا بُدَّ أَنْ يَحْصُلَ لِلْمُغْتَذِي أَخْلَاقٌ وَصِفَاتٌ مِنْ جِنْسِ مَا كَانَ حَاصِلًا فِي الْغِذَاءِ، وَالْخِنْزِيرُ مَطْبُوعٌ عَلَى حِرْصٍ عَظِيمٍ وَرَغْبَةٍ شَدِيدَةٍ فِي الْمُشْتَهَيَاتِ، فَحَرُمَ أَكْلُهُ عَلَى الْإِنْسَانِ لِئَلَّا يَتَكَيَّفَ بِتِلْكَ الْكَيْفِيَّةِ، وَأَمَّا الشَّاةُ فَإِنَّهَا حَيَوَانٌ فِي غَايَةِ السَّلَامَةِ، فَكَأَنَّهَا ذَاتٌ عَارِيَةٌ عَنْ جَمِيعِ الْأَخْلَاقِ، فَلِذَلِكَ لَا يَحْصُلُ لِلْإِنْسَانِ بِسَبَبِ أَكْلِ لَحْمِهَا كَيْفِيَّةٌ أَجْنَبِيَّةٌ عَنْ أَحْوَالِ الْإِنْسَانِ. الرَّابِعُ: مَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّه بِهِ، وَالْإِهْلَالُ/ رَفْعُ الصَّوْتِ، وَمِنْهُ يُقَالُ أَهَلَّ فُلَانٌ بِالْحَجِّ إِذَا لَبَّى بِهِ، وَمِنْهُ اسْتَهَلَّ الصَّبِيُّ وَهُوَ صُرَاخُهُ إِذَا وُلِدَ، وَكَانُوا يَقُولُونَ عِنْدَ الذَّبْحِ: بِاسْمِ اللَّاتِ وَالْعُزَّى فَحَرَّمَ اللَّه تَعَالَى ذَلِكَ. وَالْخَامِسُ: الْمُنْخَنِقَةُ، يُقَالُ: خَنَقَهُ فَاخْتَنَقَ، وَالْخَنْقُ وَالِاخْتِنَاقُ انْعِصَارُ الْحَلْقِ.
وَاعْلَمْ أَنَّ الْمُنْخَنِقَةَ عَلَى وُجُوهٍ: مِنْهَا أَنَّ أَهْلَ الْجَاهِلِيَّةِ كَانُوا يَخْنُقُونَ الشَّاةَ فَإِذَا مَاتَتْ أَكَلُوهَا، وَمِنْهَا مَا يُخْنَقُ بِحَبْلِ الصَّائِدِ، وَمِنْهَا مَا يُدْخَلُ رَأْسُهَا بَيْنَ عُودَيْنِ فِي شَجَرَةٍ فَتَخْتَنِقُ فَتَمُوتُ، وَبِالْجُمْلَةِ فَبِأَيِّ وَجْهٍ اخْتَنَقَتْ فَهِيَ حَرَامٌ.
وَاعْلَمْ أَنَّ هَذِهِ الْمُنْخَنِقَةَ مِنْ جِنْسِ الْمَيْتَةِ، لِأَنَّهَا لَمَّا مَاتَتْ وَمَا سَالَ دَمُهَا كَانَتْ كَالْمَيِّتِ حَتْفَ أَنْفِهِ.
وَالسَّادِسُ: الْمَوْقُوذَةُ، وَهِيَ الَّتِي ضُرِبَتْ إِلَى أَنْ مَاتَتْ يُقَالُ: وَقَذَهَا وَأَوْقَذَهَا إِذَا ضَرَبَهَا إِلَى أَنْ مَاتَتْ، وَيَدْخُلُ فِي الْمَوْقُوذَةِ مَا رُمِيَ بِالْبُنْدُقِ فَمَاتَ، وَهِيَ أَيْضًا فِي مَعْنَى الْمَيْتَةِ وَفِي مَعْنَى الْمُنْخَنِقَةِ فَإِنَّهَا مَاتَتْ وَلَمْ يَسِلْ دَمُهَا.
السَّابِعُ: الْمُتَرَدِّيَةُ، وَالْمُتَرَدِّي هُوَ الْوَاقِعُ فِي الرَّدَى وَهُوَ الْهَلَاكُ. قَالَ تَعَالَى: وَما يُغْنِي عَنْهُ مالُهُ إِذا تَرَدَّى [اللَّيْلِ: 11] أَيْ وَقَعَ فِي النَّارِ، وَيُقَالُ: فُلَانٌ تَرَدَّى مِنَ السَّطْحِ، فَالْمُتَرَدِّيَةُ هِيَ الَّتِي تَسْقُطُ مِنْ جَبَلٍ أو موضع

نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 11  صفحه : 283
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست